إن الكشفية تعمل على المساهمة في تهيئة وإعداد الفتى ليعيش حياته الحاضرة والمستقبلية كمواطن صالح من خلال ممارسة عدد من الأنشطة المنظمة التي ترمي إلى تحقيق هذا الهدف والمساهمة في نومه جسمانياً وعقلياً وروحياً واجتماعياً، وفي سبيل ذلك تعمل الكشفية على إظهار ما يكمن في الفتية من غرائز وطبائع ومواهب واستعدادات وتهذيبها وتشجيعها وتوجيهها إلى الإفادة منها في الحياة، فهي إذن حركة تربوية تنمي أجسام الشباب وعقولهم في نظام محكم الوضع قوامه التثقيف والرياضة في ساحة الطبيعة الواسعة، وتتجمع أهداف الحركة الكشفية في إعداد المواطن الصالح القوي المنتج، وهي تساعد في تربية النشء بوسائلها العملية من خلال حركة حيوية دائمة في المخيمات والرحلات والأعمال التطوعية، أي بالتطبيق العملي والمثال الحي للقيم التربوية الكريمة، وعلى هذا المنهج القويم سادت الحركة الكشفية واستطاعت أن تؤدي دورها إيجابياً داخل إطار وطننا الكبير من المحيط إلى الخليج وعلى الصعيد العالمي أيضاً.
ولأجل المحافظة على هذا المستوى من الأداء التربوي وتحقيق الأهداف التي تنشدها الحركة، علينا الاهتمام بالوحدة الكشفية فهي الركيزة الأساسية في بناء صرح الحركة الكشفية وعلى عاتق قادة الوحدات تقع مسؤولية كبيرة فعليهم أن يتفهموا دورهم ويؤدوه على أكمل وجه.
وفي السطور القادمة سنحاول أن نذكر بعض اللمحات من المقومات التي ينبغي أن تتوفر في الوحدة وقائدها حتى تكون أنموذجاً جيداً تكتمل فيه مقومات النجاح والتميز:
أولاً: قائد يعرف دوره ويقوم به على أكمل وجه:
- قيادة وتنظيم وإدارة الوحدة.
- تنمية العلاقات في وحدته وأولياء الأمور والحركة الكشفية والمجتمع.
- لإشباع رغبات الأعضاء وحاجاتهم وفق خصائص النمو.
- التخطيط الجيد للفرقة على المدى القصير والطويل بمشاركة رؤساء الجماعات الصغيرة.
- الإشراف على تنفيذ البرنامج الزمني لأنشطة الفرقة.
ثانياً: قادة يتحملون المسؤولية كاملة:
وذلك تجاه أنفسهم، وتجاه الحركة الكشفية والجمعية، وتجاه الفرقة، وتجاه المجتمع.
ثالثاً: تحري الهدف التربوي للحركة الكشفية والسعي لتحقيقه:
- هناك خطر متوقع في التنصل من هدف الكشفية، فإنها: "حركة تربوية تستخدم وسائل ترويحية لتحقيق أغراضها" وليست ببساطة حركة ترويحية كما يتصورها البعض.
- حركة تعمل على إعداد الفرد لكي يسهم بإيجابية في المجتمع ولذلك فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواقع المجتمع وليست منفصلة عنه.
- حركة للفتيان والشباب من جميع الأعمار خاصة وأنها تتناسب مع سن المراهقة وليست حركة للأطفال.
رابعاً: التطبيق الصحيح للمناهج الكشفية:
إن الضعف في مجال تطبيق المنهج الكشفي للمرحلة، الذي يعد وسيلة تحقيق هدف الكشفية ومفتاح جذب الأعضاء والاحتفاظ بهم، هذا الضعف ناتج عن:
- هناك نقص في تفهم مضمون ( البرنامج الكشفي) أو غالباً يفهم خطأ على أنه (الأنشطة) مع إغفال العناصر الأخرى (الطريقة والأهداف التربوية).
- هناك حاجة مستمرة لتطوير المنهج الكشفي للمرحلة وتنفيذه وتقديمه بما يتلاءم مع احتياجات الفتية والشباب والمجتمع.
وقائد الوحدة هو المنوط به العمل على تنفيذ المنهج، والوحدة الكشفية هي الإطار الذي يمكنه من القيام بذلك وإتمام العملية التربوية، لذا كان على القادة الاهتمام بربط ما يمارسه أعضاء الوحدة من أنشطة متنوعة بالأهداف التربوية لمناهج المرحلة واستخدام الطريقة الكشفية في ذلك بما يتلاءم مع كل مرحلة.
خامساً: التخطيط وعدم الارتجال:
يجب أن يعي قائد الفرقة أن التخطيط هو لب نجاح البرنامج ولذلك فهو في حاجة إلى أن يأخذ حقه من الوقت والجهد، والتخطيط هو دراسة أي نشاط من حيث ما يراد إنجازه من عمل وما يتطلبه من إمكانيات مادية وما يكتنفه من صعوبات وهو على نوعين: (قصير المدى، وطويل الأجل)، والخطة الناجحة تتميز بـ (الواقعية، والبساطة، وصراحة الهدف، ومرونة التنفيذ، واستغلال وتوظيف الإمكانيات المتاحة ويتم التخطيط بمساعدة عرفاء الطلائع (مجلس الفرقة).
كما أن عملية التنفيذ لأي من أنشطة الخطة تحتاج في حد ذاتها إلى إعداد مسبق واستعداد مناسب حتى تؤتي ثمارها، فاجتماع الوحدة ومخيم نهاية الأسبوع وغيرها من الأنشطة في حاجة إلى إعداد وتخطيط مسبق، حتى في حالة كون القائد في بعض المراحل غير مسؤول عن التنفيذ مسؤولية مباشرة فإن عليه مسؤولية الإشراف والمتابعة والتأكد من سلامة الأمور وغرس اتجاهات التخطيط المسبق والإعداد المبكر لدى أعضاء الوحدة.
سادساً: تقديم القدوة الحسنة:
وهي في غاية الأهمية، فالفتى يحتاج لمثل أعلى يقتدي به ولتكن أنت مثله الأعلى ولتتطابق أقوالك مع أفعالك في كل شيء امتثالاً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). وتكون القدوة في السلوك والالتزام بالوعد وما يحتويه من مبادئ والقانون بكل ما يحتويه من صفات سلوكية حميدة والعمل بمقتضاها والتفاني في العطاء، والقدوة أيضاً ي المظهر الحسن والاتزان والاعتدال في كل شيء.
سابعاً: التدريب:
من خلال استخدام الطريقة الكشفية:" الوعد والقانون، نظام الجماعات الصغيرة، التعلم بالممارسة، نظام التقدم، حياة الخلاء، الدعم والتوجيه من القادة الراشدين، الإطار الرمزي والتقاليد".
وباستخدام الأساليب والوسائل التي تتفق مع المرحلة السنية التي يقدم لها التدريب، والتركيز على التدريب العملي من خلال مرور الفتية والشباب بالخبرة العملية وتحمل المسؤوليات.
ثامناً: تفهم الفتية:
ويكون ذلك بإلمام القائد بخصائص المرحلة السنية التي يعمل معها في المجالات المختلة لتنمية الشخصية، ومحاولة التعرف على كل عضو من أعضاء وحدته شخصياً، وتنمية العلاقة التربوية القائمة على الاحترام والرفق والهوادة، والتعرف على ميولهم ورغباتهم ومحاولة حل مشكلاتهم.
تاسعاً: اجتماع الوحدة:
برنامج اجتماع الفرقة هو عمودها الفقري وهو الدعامة القوية التي ترتكز عليها وهو الذي يربط أفرادها بعضهم ببعض.
- فلا يجب أن يوضع البرنامج في الموقع فورياً، ليس من المستساغ أن يقوم القائد بجمع فتيانه ثم يبدأ بعد ذلك في وضع البرنامج.
- يجب أن يبدأ وكذلك أن يختتم الاجتماع في موعده فالآباء ينتظرون عودة أبنائهم في موعد محدد وسيستاءون لتأخرهم.
- سوف يصل بعض الفتية إلى مكان الاجتماع قبل الموعد بفترة قد تطول أو تقصر، وهي فترة هامة يتوقف مدى نجاح الاجتماع على ما سوف يحدث فيها، فالفراغ فيها يسبب الشغب، ولذلك يجب الإلمام بها فيتواجد العرفاء لمساعدة من يرغب في استكمال متطلبات شارة أو ممارسة لمهارة، ومن المستحسن أن يتواجد القائد في هذه الفترة.
- يجب ألا يتخيل قادة الوحدات أن الاجتماع الأسبوعي للفرقة هو مجرد فرصة للقاء محدود الأبعاد، ولكن اجتماع الوحدة هو حجر الزاوية في عملنا التربوي الكشفي ومن هنا علينا أن نعطي لهذه الاجتماعات ما تستحقه من أهمية.
عاشراً: الاهتمام بغرس السلوك:
لقد أصبح تحصيل المعلومة أمراً سهلاً واكتساب المهارة ممكناً ولكن الذي يحتاج إلى جهد وعمل هو تكوين الاتجاه "غرس السلوك" الذي يساعد الفتى والشاب على التحلي فعلاً بصفات القانون، فلم يعد يكفي أن يعرف القائد المعلومات أو يزاول الأنشطة مع الفتية والشباب بل أصبح المطلوب أن يتميز عن سواه ممن يقومون بتلقين المعلومات واكتساب المهارات، وأن يقوم بدوره الأساسي كمرب، فالقائد الكشفي هو الذي يستطيع أن يكون لدى الفتية اتجاهاً، وأن يغير سلوكاً، وأن ينقل الفتية من مجرد مستمتعين بالحركة الكشفية وأنشطتها إلى نافعين بها وبأنشطتها، نافعين أنفسهم ومجتمعهم وأن يحسن استخدام الطريقة الكشفية بعناصرها المتعددة والأنشطة الكشفية المتنوعة، في شتى المجالات التي يحبها الكشافين ويستمتعون بها، في غرس السلوكيات السليمة.
الحادي عشر: التثقيف الذاتي والمستمر لقائد الوحدة:
إن اتساع ثقافة الكشافين من خلال تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة والتطور الحادث على جميع الأصعدة يجعل على القائد دور كبير في تثقيف ذاته وتنمية قدراته للتعامل مع تلك المعطيات والاطلاع على كل ما هو جديد دائماً ليظل في تواصل دائم وفهم مستمر لتطلعات وحاجات الشباب والمجتمع في العصر الحالي والمستقبل، وليكون أكثر كفاءة في القيام بدوره في التأثير على الفتية والشباب وتربيتهم وإعدادهم لمواكبة الحياة بكل مستجداتها.
إعداد القائد: عبدالجليل الداهش